اسلاميات

قصة النبي يونس في القرآن الكريم

قصة النبي يونس في القرآن الكريم

قصة سيدنا يونس من القصص التي ورد ذكرها في القران في  العديد من سورالقران مثل سورة (الأنعام)، وسورة (يونس)، وسورة (الأنبياء)، وسورة (الصافات). وقد ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى ونسبه إلى أمه)، وفي رواية قيل: (إلى أبيه).  وذكر في تلك القصة الدعاء الشهير الذي يقوله المؤمن حينما يقع في كرب وضيق اقتداء بالنبى يونس عليه السلام والذي كان سبب في نجاته من الحوت وهذا الدعاء شامل وجامع للتوحيد في قول لا اله الا أنت ، والتسبيح في قوله سبحانك ، والاعتراف بفضل الله -تعالى- على العبد، (اني كنت من الظالمين) حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: دَعْوةُ ذي النُّونِ إذ دَعا وهو في بطْنِ الحُوتِ: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيءٍ إلا اسْتجاب اللهُ لَهُ كما ورد في فضل الدعاء الذي دعا به يونس عليه السلام روايات عديدة، من ذلك ما رواه الحاكم في “المستدرك” عن سعد بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هل أدلكم على اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى؟ الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث، { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}. فقال رجل: يا رسول الله! هل كانت ليونس خاصة، أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمع قول الله عز وجل: {ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} (الأنبياء:88). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة، فمات في مرضه ذلك، أعطي أجر شهيد، وإن برأ برأ، وقد غُفر له جميع ذنوبه).

نسب يونس عليه السلام ولمن بعث وموقف قومه من دعوته :

هو نبي الله  يونس بن متّى، يتصل نسبه الكريم  بنسل بنيامين شقيق النبي  يوسف عليه السلام، وقد بُعث  النبي يونس عليه  وعلى نبينا السلام إلى مدينة العراق، وتحديدا إلى بلدة نينوى،  أرسله الله لقوم في حوالي القرن الثامن قبل الميلاد وقد كان عددهم مائة الف وذلك ورد في قوله تعالى {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} و كان قومه يعبدون الأصنام، وكذلك انتشر الشرك بينهم فبعث الله النبي الكريم يونس ليدعوهم ويرشدهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كما هو شأن الأنبياء والرسل جميعاً إلا أنّ قومه  كذّبوه، ولم يؤمنوا برسالته، وزادوا في عنادهم و اصرارهم على عبادة الأصنام والاوثان، واستمر النبي الكريم في  دعوته لقومه ثلاثاً وثلاثين سنة، وكانت حصيلة تلك الدعوة رجلين فقط ، مما أصاب سيدنا يونس -عليه السلام- باليأس فضاق بهم ذرعاً، وأخبرهم أن العذاب سيأتيهم خلال ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث خرج يونس عليه السلام من بلدة قومه، قبل أن يأذن الله له بالخروج.فقام بتركهم وخرج من بلدته نينوى.

ماذا حدث له بعد خروجه من مدينة نينوى له ولقومه :

خرج نبي الله يونس غاضبا تاركا قومه  وما كاد يبعد يونس عليه السلام عن مساكن  قومه، حتى بدأت بوادر العذاب تلوح في الأفق مما توعد بها يونس قومه من سحب سوداء ودخان حتى اسودت سطوح بيوتهم فعلموا حينها أن هذا هو عذاب الله الذي أنذرهم بهم  فخافوا وايقنوا من صدق دعوته وحقيقه دعوته فخرجوا يبحثوا عن يونس عليه السلام ليدلهم على طريق التوبة فلم بجدوه وحينها قابلوا شيخا دلهم على النجاة باللجوء الى الله والتوبة من الشرك والاستغفار من الذنوب فقاموا بجمع كل أفراد قريتهم من صغير وكبير وحتى الحيوانات ،و تجمعوا على رؤوس الجبال، منبين الى الله ومخلصين في دعوتهم حتى أنهم جعلوا على  رؤوسهم الرماد  ولبسوا الثياب البالية في ذل وتواضع لله عسى أن يقبل منهم الله ويغفر لهم ويكشف ما وقع لهم من عذاب وبالفعل استجاب المولى عز وجل لهم فكانت ساعة  اجابة ورحمة  وحبس الله عنهم  العذاب وذلك انما حدث بسبب  صدق توبتهم وايمانهم و بعدها قفلوا عائدين لمساكنهم متمنين لو أن النبي يونس عليه السلام كان بينهم ليكون لهم رسولاً هادياً، ونبياً مرشداً.

أما سيدنا يونس فعندما  خرج من نينوى،  شاهد  مجموعة من الناس وطلب منهم أن يركب معهم سفينتهم، فلمّا أن أبحرت السفينة ووصلت  بهم لعُرض البحر، بدأت في التمايل والاهتزاز هنا لم يجدوا خلاصا من هذه النكبة غير أن يضحوا بأحد ركاب السفينة  ويلقوا به في البحر؛ حتى يخففوا من حمل السفينة فقاموا بالاقتراع بالاسهم لمن سيُلقي بنفسه في البحر، فلما خرج سهم يونس عليه السلام،  قاموا باعادة القرعة ثلاث مرات وذلك لما رأوه والتمسوه منه من خير وصلاح ، ولكن في كل مرة كان يخرج سهم يونس -عليه السلام-  هنا قرر سيدنا  يونس  أن يلقي بنفسه في البحر،  وأدرك أن وراء ذلك تدبيراً من الله وأدرك خطيئته، من تركه بلدته  ولقومه  بدون أن يأذن الله له بذلك فقام بالقاء نفسه في عرض البحر مسلما نفسه لله عز وجل و متيقنا في أنّ الله -تعالى- سوف يُنجيه من الغرق، وحدث ذلك بالفعل  فقد ابتلعه الحوت  الذي أرسله الله له تعالى و لما أصبح  في بطن الحوت،  اعتقد أنّه مات، لكنّه قام بتحريك  يديه، وساقيه، فلما استطاع تحرّيكهم،  خر ساجدا لله لأنه حفظه من الهلاك، ونجّاه  من الموت وظل  في بطن الحوت ثلاثة أيّام، سمع فيها النب الكريم  أصواتاً لم يستطيع أن  يفهمها، فجائه وحى  الله أنّها تسبيح مخلوقات البحر لله عز وجل ، فبدأ يسبّح الله تعالى، قائلاً: (لا إله إلّا أنت، سُبحانك إنّي كنت من الظّالمين)،  واستمر يونس في بطن الحوت، والحوت يشق الأمواج، ويهوي في الأعماق، ويتنقل في ظلمات بعضها فوق بعض، فضاق صدره، والتجأ إلى الله بالدعاء: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} بعد ذلك أمر الله -تعالى- الحوت فقذف به على  ظهر اليابسة، وأنبتت عليه شجرة يقطين؛ يستظلّ بها، ويأكل من ثمرها، حتى نجا.ولما عاد  النبي الكريم لقومه وجدهم مؤمنين بالله  عز وجل فظل  معهم حيناً من الدهر، وهم على  هذا الحال من الصلاح والايمان .

أهم العظات والعبر المستخلصة من قصة سيدنا يونس عليه السلام :

أولاً:  التوبة النصوح  الصادقة التي كانت سببا في نجاة قوم يونس من العذاب. قال تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} (يونس:89).

ثانياً:  التسبيح وفضله العظيم وأن المداومة عليه كانت سببا في نجاة النبي يونس عليه السلام قوله تعالى: { فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } (الصافات:143-144).

ثالثا:عدم الاستعجال والصبر في الدعوة وهذا ما يجب عليه أن يكون حال الداعية الى الله  حيث قال الله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ

رابعاً: فضل الدعاء وأن يداوم عليه العبد المؤمن في  كل احواله سواء الرخاءأوالشدة و الله قد وعد عباده بالإستجابة، كما قال تعالى: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } (غافر:60)..

خامساً: اللجوء الى الله هو سبب كشف الكرب والشدائد تصديقا لقوله تعالى { فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } (الأنبياء:88)

السابق
قصة ذي القرنين في القرآن الكريم
التالي
مدخل الى الأحاديث النبوية

اترك تعليقاً