حرمت الشرائع السماويّة الحسد والعين باعتبارهما من اخطر الآفات و اخبث السلوكيات للنفس البشرية لأنهما يسببان أضرارٍ وخيمة على الفرد والمجتمع المسلم، كما أنهما يعبران عن تطلعات خبيثة في النفس من تمني زوال النعمة عن أصحابها. كما أن نفس الحاسد لا تهدأ و لا ترتاح. فالحسد من الكبائر التى حرمها الاسلام ومن اول الشرور والخطايا التى وقعت على ظهرالارض عندما حسد قابيل اخاه هابيل، كما كان هذا الحسد في النهاية سببا في قيامه بقتل أخيه مورثا الحسرة والندم في كيانه. و ذكر الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن الشيطان يكون سببا في الحسد، حيث قال: ” العينُ حقٌّ، ويحضرُها الشيطانُ وحسدُ ابنِ آدمَ. “
الفرق بين الحسد والعين :
1. الحسد أشمل من العيْن، فليس كل شخص حاسد عائن ولكن العكس صحيح .فكل شخص عائنٍ حاسد .
2. العين أكثر ضررا من الحسد.
3. الحاسد قد يحسد أمرا غير موجود بل وقد يحسد أمرا قبل حدوثه ، أما العائن فلا يَعين إلا الشيء الموجود بالفعل او ماتقع عليه عينيه .
4. الحاسد يستكثر النعمة على من يحسده وتقع في قلبه حرقة لما يمتكله الشخص أما العائن فيصدر بسبب خبث في النفس وانقداح لنظرة العين .
5. الحاسد لايحسد نفسه ولا مالِه و لا ولده ، اما العائن قد يصيب ولده او ماله باذى دون ان يشعر.
حكم الحسد والعين : فلا شك أن حكمهما التحريم .
أما الحسد. فقد جاء عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
” لاَ تَحَاسَدوا ، وَلاَتَنَاجَشوا ، وَلاَ تَبَاغَضوا ، وَلاَ تَدَابَروا .. “
رواه مسلم ( 2559 )
وأما العيْن فتحريمها يأتى من باب تحريم إيقاع الضرر بكل أشكاله على الناس وإيذائهم، فهي نوع من الضرر الشديد.
قال تعالى :
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً.
وقال صلى الله عليه وسلم : ” لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارٌ “
رواه ابن ماجه
كيفية الوقاية من الحسد والعين :
ينبغي على المسلم والمسلمة أن يداوم على بعض الاعمال حتى يقي نفسه من شر الحس والعين وهي كالاتى:
- التحصّن بالأذكار الشّرعيّة التي وردت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- والتي منها: قراءة المعوّذات وآية الكرسي، والمداومة على أذكار الصّباح والمساء، وأذكار النّوم والاستيقاظ منه، ومن بينها الدّعاء بقول: (أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شرِّ ما خلَق)، وكذلك الدّعاء بقول: (مَن قالَ بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، وَهوَ السَّميعُ العليمُ، ثلاثَ مرَّاتٍ، لم تُصِبهُ فَجأةُ بلاءٍ حتَّى يُصْبِحَ، ومَن قالَها حينَ يصبحُ ثلاثُ مرَّاتٍ، لم تُصبهُ فجأةُ بلاءٍ حتَّى يُمْسيَ).
- ان يحصن المسلم والمسلمة نّفسهما واولادهما واموالهما وجميع النعم التى انعم الله بها عليهما كما ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ” كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُعَلِّمُنا كَلِماتٍ نَقولُهُنَّ عِندَ النومِ منَ الفَزَعِ: بسمِ اللهِ أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التَّامَّةِ مِن غضَبِه، وعِقابِه، وشرِّ عِبادِه، ومِن هَمَزاتِ الشياطينِ وأنْ يَحضُرونِ. “
- أن يكثر المسلم والمسلمة من ذكر الله -تعالى- في جميع الأوقات و على كل الأحوال .
- ضرورة ان يتجنب المسلم والمسلمة التفاخر و المبالغة والتباهي في استعراض النعم والاكثار من التباهي بها امام النّاس؛ كما جاء في سورة البقرة من وصف لحسد الكفّار للمؤمنين على إيمانهم: ” وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ.” .و قول الله -تعالى- في سورة القلم، واصفاً نظرة الكافرين للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ” وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ. ” ومعني يزلقونك اي يصيبوك بالعين.
- قول الله -تعالى- في سورة الفلق، وهي إحدى المُعوّذات التي تَرِد فيها الاستعاذة صراحةً من الحسد والحاسدين
- المداومة على قراءة المعوذات ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ*مِن شَرِّ مَا خَلَقَ*وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ. “