المحتويات
الولاده و النشأه:
احد الأئمة الستة الذين حرسوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصبحت كتبهم في عالم السنة من الأصول المعتمدة في الحديث و من الذين نضر الله وجوههم لأنه سمع حديث رسول الله صل الله عليه و سلم فأداه كما سمعه هو الإمام الحافظ المحدث أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحّاك الترمذى رحمه الله الذى ألف جامع الترمذى المشهور بسنن الترمذى. و كمثل علماء عصره كانوا يلقبون باسماء بلادهم فهو قد ولد فى مدينة ترمذ عام 209هـ التى تقع جنوب اوزبكستان و لذلك كنى بالترمذى و كانت اسرته عربيه اصيله. و لقد قيل انه ولد اعمى و لكن الصحيح انه فقد بصره فى الكبر بعد رحلته الطويله فى البحث و كتابة العلم. و لقد انتقل مسافرا الى اكثر من بلده لتلقى العلوم مثل خرسان و العراق و الحجاز و غير ذلك ممن تلقى فيها العلم على يد العلماء فيها. و اشتهر بالورع و الزهد و كان مثالا كبيرا فى الحفظ و الاجتهاد فى طلب العلم والاحتياط في الدين والزهد في الدنيا. و انه صنف الكثير من الكتب منها كتابه الجامع الذى يدل على براعته فى علوم الحديث روايه و درايه و ايضا على علو شأنه فى علوم العلل و طبقات الرجال. وقد توفي في رجب 279هـ بعد رحله حافله فى العلم و ترك ميراثا له قدره حتى يومنا هذا.
شيوخه و رآيهم فيه:
تتلمذ الامام الترمذى على العديد من شيوخ عصره منهم الإمام إسحاق بن راهويه، ثم ترك بلاده الى اماكن مشاهير عصره من العلماء يلتمس العلم رواية ودراية، فتتلمذ على الإمام البخاري، والإمام مسلم، والإمام أبي داود السجستاني، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو زرعة الرازي و غيرهم، و كان اشدهم تاثرا به هو الامام البخارى رحمه الله حيث اخذ منه علم العلل. و كان له فضل كبير على علماء عصره الذين استفادوا منه مثل مكحول بن الفضل، والهيثم بن كليب الشاشي، وأبو العباس المحبوبي، والحسين بن يوسف الفربري. و لم يكتف الامام الترمذي بعلوم الحديث بل جمع معه ايضا علوم الفقه و خاصة فقه اهل الرأى من علماء الكوفة كالإمام أبي حنيفة وأصحابه، وابن أبي ليلى وغيرهم ، و لقد درس أقوال الإمام أحمد بن حنبل و سفيان الثوري. و أخذ ايضا فقه علماء الحجاز فتلقى عن الإمام مالك عن إسحق بن موسى الإنصاري وأبي مصعب الزهري تلميذ مالك، و تلقى عن الحسن الزعفراني تلميذ الإمام الشافعي مذهبه القديم، وأخذ مذهبه الجديد عن الربيع بن سليمان.
و اصبح ذو مكانه كبيره بين علماء عصره الذين اثنوا عليه و عرفوا قدره و مكانته، و لقد عرض كتابه هذا على علماء الحجاز والعراق وخراسان فاستحسنوه ، فحصل له القبول من أهل زمانه. فقال الامام الذهبى عنه انه الحافظ العالم صاحب الجامع ثقه المجمع عليه، و قال ابن الأثير: كان الترمذي إمامًا حافظًا، له تصانيف حسنة، منها الجامع الكبير، وهو أحسن الكتب. و قال الإمام السمعاني: انه إمام عصره بلا منازع. و ايضا اثنى عليه ابن العماد الحنبلي وقال انه كان بارزا على الأقران و اية في الحفظ والإتقان. و ذكره ابن حبان في الثقات وقال فيه: كان محمد ممن جمع وصنف وحفظ . و قال ابن رشيد إن كتاب الترمذي تضمن الحديث مصنفا على الأبواب وهذا علم برأسه ، والفقه ، وهذا علم ثان ، وعلل الحديث ، وهذا علم ثالث ، (وهو يشتمل على بيان الصحيح من السقيم وما بينهما من المراتب) ، والأسماء والكنى ، وهذا علم رابع ، والتعديل والتجريح ، وهذا علم خامس ، ومن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ومن لم يدركه ممن أسند عنه في كتابه ، وهذا علم سادس ، وتعديد من روى هذا الحديث ، وهذا علم سابع ، فهذه علومه المجملة ، وأما علومه التفصيلية فكثيرة . و اثنى أبو بكر العربي على كتاب الامام الترمذى حيث قال بأن في الجامع 14 علما ، فقد صنف وأسند وصحح وأسقم وعدد الطريق وجرح وعدل وأسمى وأكنى ووصل وقطع وأوضح المعمول به والمتروك وبين اختلاف العلماء في الرد والقبول لآثاره ، وذكر اختلافهم في تأويله وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه.
منهج كتاب الجامع :
بعد رحله طويله فى تحصيل العلم عاد الى بلده ترمذ و بدأ فى تصنيف كتابه الجامع. الذى يتميز عن غيره من الكتب المماثله بانه ذو منهج فريد جامع بين طريقتى شيوخه الامامين البخارى و مسلم فى صحيحيهما. فنجد فيه استنباطات عميقه عن طريقة الامام البخارى،و بالاضافه الى ترتيب دقيق و عنايه بالفوائد الاسناديه الى جانب التنسيق البديع عن طريقة الامام مسلم. و يعتبر الى جانب ذلك انه مصدرا هاما لدراسة الخلاف بين مدارس الفقه المتنوعه لانه ذكر فى كتابه مذاهب الصحابه و التابعين و فقهاء الامصار و ائمة اهل المذاهب.
بالرغم من ان الامام الترمذى جمع الكثير من الاحاديث و الروايات خلال رحلته العلميه الطويله الا انه لم يدون فى كتابه الا 3956 حديثًا. فلقد اشترط خاصة في أحاديث الأحكام التي يدونها فى كتابه أن تكون قد عمل بها الفقهاء و استدلوا بها فى مذاهبهم. و عن ذلك قال الترمذي: ان جميع ما في كتابه من الحديث هو معمول به ما عدا حديثين كما قال بعض اهل العلم الذين اخذوا عنه. و اشترط ايضا أن لا يكون في إسناد كل حديث يرويه من يتهم بالكذب، و أن يُروى من أكثر من وجه، وأن لا يكون الحديث شاذًا، و الحديث الذى يشمل كل هذه الموصفات يسَمى حديثًا حسنًا و لهذا عامة الاحاديث فى جامع الترمذى هى مقبوله و حسنه و صحيحه. و لكن منها ما حكم بضعفه المحدثون لتدنّي شرطه عن شرط الشيخين البخارى و مسلم.
مميزات كتاب الجامع:
تكلم الكثير من العلماء عن مميزات كتاب الجامع فى انه يعد مرجعا هاما فى الحكم على الاحاديث فيقل صراحة هذا حديث صحيح و هذا حسن صحيح او غريب و هكذا. و من خصائص كتاب سنن الترمذى التى لخصها د حسن شواط فى كتابه حجية السنه فى النقاط التاليه:
- اقتصاره على الاحاديث المعمول بها من قبل فقهاء الامصار، و اخذ بها بعض العلماء ما خلا حديثين الاول حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر و الثانى حديث : “إذا شرب فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه”.
- يعد أول كتاب شهر الحديث الحسن ، لكثرة ذكر الترمذي لذلك عند الكلام على الأحاديث
- يعنون للباب غالبا بالحكم الذي يدل عليه أصح أحاديث ذلك الباب.
- أورد فيه كثيرا من فقه الصحابة والتابعين ومذاهب فقهاء الأمصار ، فهو من أهم مصادر دراسة الفقه المذهبي وقد سبق أن الترمذي في تحسينه لبعض الأحاديث كان يعتمد على ثبوت العمل بها من بعض الصحابة .
- يختصر الترمذي طرق الحديث فيذكر أحدها ويشير إلى غيرها ، بقوله و في الباب عن فلان ، وأحيانا يشير إلى من دون الصحابي.
- 6. ذيل جامعه بكتاب العلل ، و فيه فوائد نفيسة ، أثرى الحافظ الحنبلي في شرحه عليها وذكر فيها جملة مسائل مهمة في علم الجرح والتعديل مثل ذكر طبقات أتباع بعض الرواة كابن عمر رضي الله عنه ونافع وذكر المختلطين ومن روى عنهم وذكر من كانت روايته في بلد أصح من روايته في بلد آخر ، وقد نبه الشيخ طارق عوض الله حفظه الله إلى أن علل الترمذي هي تكميل لكتابه الجامع ، وليست مصنفا مستقلا ، وقد امتاز الترمذي في جامعه بنصه على العلل صراحة ، حيث يذكر أقوال الأئمة في بيان علل هذا الحديث ، وربما وافقهم ، وربما عارضهم .
- اهتم الترمذي ببعض الدقائق الحديثية ، كاهتمامه بتسمية المكنين .
مؤلفات الإمام الترمذي:
الى جانب كتاب سنن الترمذى هناك كتب أخرى للإمام الترمذي أشار بعض العلماء اليها كابن النديم وابن كثير وابن حجر و لكن معظمها لم يصل لنا و لم يطبع، ومنها كتاب الزهد كتاب أسماء الصحابة كتاب التفسير كتاب التاريخ كتاب الأسماء والكنى كتاب في الآثار الموقوفة إشار إليه الترمذي في آخر كتابه الجامع.
شروح سنن الترمذي:
اعتنى بشرح سنن الترمذي عدد من العلماء و صنفوا في ذلك شروحًا مهمة، و التى منها عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، من تأليف أبي بكر بن العربي، و تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي،من تأليف عبد الرحمن المباركفوري، ومعارف السنن شرح جامع الترمذي، من تأليف محمد يوسف البنوري. الشمائل النبوية والخصائص المصطفوية ويعرف اختصارًا بشمائل الترمذي، هو أحد كتب السيرة النبوية العطرة، ذكر فيه الترمذي أوصاف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحواله، وتحدث عن أخلاقه وآدابه، و ذكر مواقف من حياته، و وصف وفاته